التحالف الدولي وتعيين الوالي على سوريا
د.نسيب حطيط
بعد فشل المشروع التركي بتعيين(وال تركي)على سوريا في أيلول2012،أعطى الأميركييون عبر الوزير كيري أوامره للجامعة العربية بضرورة تعيين وال سوري الأصل أميركي الهوى والقرار ليكون رئيس حكومة مؤقتة أو إنتقالية أو في المنفى وذلك لتحقيق الأهداف التالية:
- تعدد الهيئات والإئتلافات السياسية المعارضة سياسيا وفكريا وعسكريا،فعلى المستوى السياسي(مجلس إسطنبول-إئتلاف الدولة-هيئة التنسيق- الإخوان المسلمين والتجمع الجديد التي ستؤسسه قطر للرسميين المنشقين على النظام)
- إن تعيين رئيس هيئة تنفيذية سيلغي عمليا كل الهيئات السابقة التي تشكلت،وستحصر الجهات الدولية والعربية إتصالاتها ودعمها لهذه المؤسسة الجديدة أي إلغاء ما تم تأسيسه على مدى العامين الماضيين تحضيرا للمرحلة القادمة(الخطة ب)بعدما فشل مشروع إسقاط النظام،وبدأت مرحلة الحوار مع النظام للوصول إلى تأمين المشاركة في الحكم في سوريا.
- تسعى أميركا إلى ولادة هذه المؤسسة(الوسطية)بين ما يسمى الحكومة وبين الإئتلاف أو التجمع السياسي وربطها مباشرة بالإدارة الأميركية والبدء بعزل الوكلاء الإقليميين(تركيا-قطر والسعودية)من إدارة الحل السياسي.
- إبقاء التجمعات العسكرية(جبهة النصرة-الجيش السوري-كتائب التكفيريين وعصابات الجريمة المنظمة)من مسؤولية الأتراك والقطريين والسعوديين وتحمل نفقاتهم وتبعات تجميعهم،حتى إذا أمرت أميركا بوقف الدعم،تحول هؤلاء التكفيرييون إلى الإنتقام من داعميهم عبر الإنتشار في ساحاتهم لتستكمل أميركا عملية تدمير الدول والكيانات العربية وفق طريقة المنهج المخابراتي الذي يعتمد على إبادة الأدلة والأدوات وإخفاء الجريمة،فيقتل القاتل ويكلف كل عميل تصفية العميل الآخر بعد إنجاز المهمة،كما حصل في أفغانستان حيث تم دعم وتسهيل عمل المجاهدين(الأفغان العرب)وبعد الهزيمة السوفياتية جاءت أميركا وباكستان بحركة طالبان للقضاء على المجاهدين(رباني-شاه مسعود و حكمتيار)وبعد إنجاز مهمتهم جاء الغزو الدولي بقيادة أميركا للقضاء على حركة طالبان.
في العراق حرض الأميركييون صدام على غزو إيران والكويت،وطلبوا من دول الخليج التمويل والدعم ومن ثم إنقلبوا عليه وأسقطوه وأعدموه،وعندما وجدوا أن الحكم الجديد لن يستقيم معهم أو يأمنوا له بدأوا بإستيراد القاعدة إلى العراق وفق نظرية إحراق العراق طالما أنهم لا يستطيعون البقاء فيه، وهكذا سيفعلون في سوريا سيخترعون كل يوم هيئة أو مجلس لقتل ما قبله بإنتظار ساعة الحسم(السياسي)لتأمين مصالح اميركا في المنطقة وقد يعاقب الأميركييون أدواتهم لفشلهم في إسقاط النظام السوري بعدما تعهدوا بذلك، ويمكن أن نشهد إسقاط أردوغان التركي،وتغيير أحد الأميريين في قطر(حمد بن خليفة أو حمد بن جاسم) عندما يتم توقيع الإتفاق السوري-السوري عبر التفاوض الأميركي-الروسي.
مع بداية العالم الثالث لا يزال الغزو الدولي لسوريا مستمرا،جيوشا ومخابرات وتكفيريين،مؤسسات دولية وإقليمية،لا يزال تخريب سوريا وتدميرها مستمرا بأموال عربية وقرارات أميركية-إسرائيلية وبأيد إرهابية تكفيرية.
على الشعب السوري أن يتساءل حتى لو انتصرت المعارضة المسلحة في سوريا فماذا يمكن ان تعطيهم أفضل مما إعطاهم النظام، والذي بداء عملية الإصلاح وسد الثغرات لصالح الشعب.
من سيحكم سوريا المعارضة السورية أم أميركا أو تركيا أو قطر أو السعودية؟
هل سيتقاتل الأتراك مع العرب وقطر مع السعودية ،والتكفيريين مع العلمانيين عندما سيدعي كل فريق أنه صاحب الفضل بتدمير سوريا وإسقاط النظام؟
كم سيحتاج(الحكم الجديد)من المال والوقت لإعادة ما تدمر في سوريا وهل يستطيع دون مقابل سياسي عبر التخي عن السيادة والكرامة وتوقيع إتفاقية سلام مع العدو الإسرائيلي؟
هل ستبقى سوريا موحدة أو تنقسم إلى دويلات مذهبية وقومية وأين المشكلة طالما أن قطر(أقل من مليون نسمة)صارت دولة عظمى!!
من يضمن أن ينتهي الصراع في سوريا إذا سقط النظام ألا يفكر البعض(بأنه لو أفترضنا سقوط النظام،ألن تنقلب الصورة وينتقل أنصار النظام من الشعب السوري إلى ضفة المواجهة مع النظام الجديد الضعيف والمفكك؟ وتستمر المعارك ولن تنتهي كما يحصل الآن في أفغانستان التي لا تزال منذ11عاما في معارك مستمرة ولم يحسها الغزو الأميركي.
هل يرضى الشعب السوري ذو الإنتماء القومي الناصع،ومنبع الثورة العربية ضد العثمانيين وضد الإنتداب الفرنسي وقبله ضد الفرنجة والحاضن لسلطة المقاومة العربية والذي لم يتنازل أو يقايض على فلسطين بأن يتنازل عن كل هذا التاريخ الناصع والكريم من أجل حفنة من الدولارات ليستسلم للغزو الأميركي والمال العربي الذي يشتري النساء و والأثار ببراميل النفط التي لم يخترعها الملوك والأمراء بل صادرها وحرموا شعوبهم منها.
نحن نعتقد أن الشعب السوري وجيشه وقيادته لن يتنازلوا عن تاريخهم وحقهم علينا أن لا نتركهم وحيدين في ساحة المعركة لأنهم لم يتركونا وحيدين عندما غزانا المحتلون وحاصرنا الأعداء والأشقاء.
إلى متى يبقى أهل العلم والدين إما صامتين أو متواطئين أليس من واجبهم الجهر بكلمة الحق لإستعادة هؤلاء الشباب من السلفيين والتكفيريين الذين ألتبس عليهم القول وضبابية المعرفة وقلة الوعي فأخذ بعضهم وعن غير قصد نتيجة القهر والحرمان والتهميش يقاتل في سبيل الله وعزة الإسلام(وفق نظرهم)لكنهم وقعوا في فخ المؤامرة الأميركية وأدواتها من الأنظمة والمؤسسات الدينية التابعة فليبداء الحوار مع ما يلي البنادق من السلفيين والتكفيريين أفضل من مواجهتهم بالرصاص لأنهم تعرضوا(لغسل دماغ)منهجي وتراكمي حتى صار المعروف عندهم منكرا والمنكر معروف،والمقاومة عدوا والمحتل صديق وداعما.
علينا واجب الدعوة إلى الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة ومقاتلة الإسرائيلي والأميركي وكل مستعمر وإستعادة الأبناء والأشقاء من آتون(داحس والغبراء)الجديدة،فالمستعمر هو الرابح طالما أن القاتل والمقتول من المسلمين ومن المسيحيين الذين لا يتصالحون مع إسرائيل ويحمون أوطانهم وكرامتهم وأعراضهم.
عسى أن يهدي الله سبحانه الجميع ويعودوا إلى سواء السبيل في إطار الوحدة والحوار لحفظ ما تبقى من الأمة.
بيروت في12/3/2013 سياسي لبناني*
www.alnnasib.com